تسجل الفضة ارتفاعًا ملحوظًا يقترب من قمتها التاريخية مما يعكس صعودًا استثماريًا وصناعيًا ملحوظًا في الأسواق العالمية حيث يعود هذا الصعود إلى ضعف الدولار الأمريكي الذي أثر بشكل كبير على قيمة المعادن الثمينة كما أن شح المعروض من الفضة ساهم في تعزيز أسعارها بشكل مستمر مما يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية بالإضافة إلى ذلك تزايد الطلب على الفضة في الصناعات التكنولوجية والطاقة المتجددة مما يعزز من مكانتها كأحد الأصول الاستثمارية القيمة في المستقبل القريب.

استقرار أسعار الفضة في الأسواق العالمية

شهدت أسعار الفضة حالة من الاستقرار اليوم السبت، بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع للبورصة العالمية، حيث ارتفعت الأوقية بنسبة 2.4% خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2011، وذلك بفضل التوقعات المتزايدة بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل. وفقًا لتقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث، فقد سجل سعر جرام الفضة عيار 800 نحو 54 جنيهًا، بينما سجلت الأوقية عالميًا ارتفاعًا قدره دولار واحد، لتصل إلى 42 دولارًا.

ارتفاع الطلب على الفضة

تواصل أسعار الفضة صعودها الحاد في الأسواق العالمية، حيث سجلت مستوى 42.45 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى لها في 14 عامًا، مدعومة بضعف الدولار الأمريكي، بعد صدور بيانات أمريكية أظهرت تباطؤ سوق العمل واستقرار التضخم، مما زاد من توقعات خفض الفائدة. وقد سجلت الفضة أعلى مستوى تاريخي لها عند 50 دولارًا للأوقية في أبريل 2011، مما يجعلها قريبة من تجاوز هذه القمة التاريخية. وفقًا لتقارير محللي السلع في TD Securities، فإن استمرار الطلب الاستثماري على الفضة قد يؤدي إلى نفاد المخزونات في بورصة لندن خلال فترة قد تصل إلى سبعة أشهر.

تأثير سوق العمل والتضخم

فيما يخص سوق العمل الأمريكي، فقد ارتفعت طلبات إعانة البطالة بأسرع وتيرة منذ أربع سنوات، مما عزز المخاوف بشأن تدهور سوق العمل، ودفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الفضة والذهب. أما على صعيد التضخم، فقد أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس ارتفاعًا بنسبة 2.9% على أساس سنوي، مقارنة بـ 2.7% في يوليو، بينما ظل التضخم الأساسي مستقرًا عند 3.1%. تشير توقعات الأسواق إلى احتمالية بنسبة 88% أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، مما يعكس التحديات الاقتصادية الحالية.

الفضة: بين الاستثمار والصناعة

بينما يظل الذهب المعدن المفضل للبنوك المركزية، فإن الفضة تتمتع بجاذبية نسبية نظرًا لقيمتها المنخفضة مقارنة بالذهب، حيث تشير التوقعات إلى أن الفضة قد تكون في وضع أفضل من الذهب حاليًا، لكونها دخلت بقوة في قطاعات صناعية رئيسية مثل الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية. هذه الاتجاهات تعزز من استهلاك الفضة الصناعي في ظل تقليص المعروض العالمي منها بشكل واضح، مما يجعل الفضة خيارًا جذابًا للمستثمرين في المستقبل القريب.

ضغوط سوق الإقراض والمخزونات

أصدر الرئيس الأمريكي أمرًا تنفيذيًا يستثني بعض المعادن الاستراتيجية من التعريفات الجمركية، لكن الفضة لم تُدرج في هذه القائمة، مما زاد من الشكوك حول مستقبلها التجاري. انعكس هذا الغموض على سوق الإقراض، حيث ارتفعت معدلات تأجير الفضة إلى مستويات غير معتادة، مما يعكس الطلب القوي عليها. من المتوقع أن تصدر نتائج التحقيق الأمريكي بشأن المعادن الحرجة في منتصف أكتوبر، مما قد يؤثر بشكل كبير على سوق الفضة.

خاتمة

تتجه الفضة نحو مستويات تاريخية جديدة، مدعومة بالتوترات الاقتصادية والجيوسياسية، والتحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، وضعف الدولار الأمريكي. ومع استمرار اعتقاد المستثمرين بأن الفضة أقل تقييمًا من الذهب، فإن السنوات المقبلة قد تشهد إعادة تموضع استراتيجي للمعدن الأبيض في المحافظ الاستثمارية العالمية.