تشهد العلاقات مع إسرائيل توتراً متزايداً يؤثر بشكل مباشر على مشروع “درع السماء” الأوروبي الذي يهدف إلى تعزيز الأمن والدفاع في القارة الأوروبية مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه السياسات الإسرائيلية مما يزيد من الضغوط على الحكومات الأوروبية للتعامل بحذر مع هذا الوضع المعقد في الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة ويبدو أن هذا التوتر قد يؤثر سلباً على التعاون العسكري بين الدول الأوروبية وإسرائيل مما يثير القلق بشأن مستقبل الأمن الأوروبي في ظل هذه الظروف المتغيرة والمتوترة.
خطة الدفاع الأوروبي تواجه تحديات كبيرة
رأت صحيفة “التليجراف” البريطانية أن خطة أوروبا الطموحة لإنشاء نظام دفاع جوي مشابه لـ “القبة الحديدية” قد تواجه خطر الانهيار، وذلك بسبب تصاعد الغضب الشعبي والسياسي تجاه إسرائيل نتيجة استمرار الحرب في غزة، هذه المبادرة، المعروفة باسم “درع السماء” وتقودها ألمانيا، تهدف إلى إنشاء مظلة دفاعية تمتد من تركيا إلى فنلندا، في إطار جهود أوروبية كبيرة لإعادة التسلح لمواجهة التهديدات الروسية.
مكونات النظام الدفاعي والشكوك المحيطة به
تعتمد الخطة على بطاريات الدفاع الجوي الألمانية “أيرس-تي” والأمريكية باتريوت، لكن أحد المكونات الحاسمة فيها هو صاروخ “أرو 3” الإسرائيلي-الأمريكي، المصمم لاعتراض الصواريخ الفرط صوتية خارج الغلاف الجوي، إلا أن إدراج “أرو 3” في النظام الأوروبي بات محل شك، وذلك في ظل تدهور العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي على خلفية العمليات العسكرية المستمرة في قطاع غزة.
ردود الفعل الأوروبية وتأثيرها على العلاقات
أعلنت دول أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، عن وقف صادرات الأسلحة لإسرائيل، بينما دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى تعليق بعض أشكال التجارة معها، متهمة تل أبيب بإحداث “مجاعة من صنع الإنسان” في غزة، وتقويض حل الدولتين، كما حثّت دول الاتحاد الأوروبي على تعليق التمويل الممنوح لإسرائيل ضمن برنامج الأبحاث “هوريزون”، وفرض عقوبات على الوزراء والمستوطنين الإسرائيليين “المتطرفين”.
وفي المقابل، تملك إسرائيل القدرة على استخدام ورقة الضغط الخاصة بها، وهي الفيتو على تصدير صواريخ “أرو 3″، إذ يخضع تصدير هذا السلاح لموافقة هيئة مراقبة صادرات الدفاع الإسرائيلية، التي تأخذ في اعتبارها “المصالح الوطنية” عند إصدار تراخيص التصدير، وقد أشار ديفيد هيننج، مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي، إلى أن هذا يمنح إسرائيل القدرة السياسية على وقف صادرات السلاح الحيوية لخطة الدفاع الأوروبية إذا شعرت بأن المواقف الأوروبية تمثل تهديدًا لمصالحها.
التحولات في المواقف الأوروبية
رغم هذه التوترات، وصف عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ألمانيا بأنها “واحدة من أقرب الحلفاء وأكثرهم أهمية” لإسرائيل، داعيًا إلى استمرار التعاون الثنائي في كل ما هو ممكن، ومع ذلك، فإن المواقف الأوروبية آخذة في التحول، فقد أعلنت سلوفينيا فرض حظر أسلحة شامل على إسرائيل، بينما أكد مسؤولون ألمان أنهم أوقفوا العام الماضي الموافقة على صادرات أسلحة حربية إلى تل أبيب، ويضم مشروع “درع السماء” حاليًا 24 دولة أوروبية، من بينها بريطانيا وبلجيكا وهولندا، وجميعها عبّرت عن انتقادات متزايدة للحكومة الإسرائيلية وسلوكها خلال الحرب.
التعليقات