تغيير مفوضية الانتخابات في ليبيا يثير الكثير من الجدل بين المواطنين والسلطات حيث يرى البعض أن هذا التغيير يعد ضرورة ملحة لضمان نزاهة الانتخابات القادمة وتحقيق الاستقرار السياسي بينما يعتبره آخرون عرقلة قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى في ظل الأوضاع الراهنة مما يجعل من الضروري دراسة الآثار المحتملة لهذا القرار بعناية لضمان مستقبل أفضل للبلاد وتحقيق تطلعات الشعب الليبي نحو الديمقراطية الحقيقية.
شهدت ليبيا في الساعات الأخيرة تحولًا سياسيًا مهمًا، حيث توصل مجلسا النواب والدولة إلى اتفاق لإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات خلال عشرة أيام، هذا التطور أثار العديد من التساؤلات حول ما إذا كان يمثل تصحيحًا للمسار السياسي أم أنه سيعوق الاستحقاقات المؤجلة، فالتغيرات السياسية دائمًا ما تحمل في طياتها آمالًا وتحديات جديدة.
تصحيح الوضع القانوني للمفوضية
في هذا السياق، أوضح الدكتور أحمد اهمومة، عضو مجلس الدولة الليبي، في حديث خاص، أن هذه الخطوة تأتي في إطار تصحيح الوضع القانوني للمفوضية، بما يتماشى مع ما أكدت عليه المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، حول ضرورة معالجة الشغور القانوني في المناصب السيادية، وأشار إلى أن الرئيس الحالي للمفوضية يشغل منصبه بتكليف مؤقت في انتظار توافق المجلسين، حيث تهدف الاجتماعات بين اللجنتين إلى بناء إدارة قانونية متفق عليها، مما يمهد الطريق لإنجاز المرحلة الأولى من خارطة الطريق السياسية.
هل هي خطوة إصلاحية أم وسيلة للعرقلة؟
في نفس السياق، حذر الأكاديمي والسياسي الليبي محمد امطيريد من أن إعادة تشكيل المفوضية قد تتحول إلى أداة لتعطيل الاستحقاقات إذا ارتبطت بحسابات سياسية ضيقة، وأكد في حديثه أن إذا كان الهدف من التغيير هو تعزيز كفاءة المفوضية وضمان استقلاليتها، فستكون الخطوة إيجابية وتفتح الباب أمام انتخابات نزيهة، أما إذا كانت مدفوعة بدوافع سياسية، فإنها ستزيد من العرقلة، وأضاف أن تحميل المفوضية وحدها مسؤولية تعطيل الانتخابات هو اختزال غير دقيق، حيث تكمن الأزمة الحقيقية في غياب قاعدة دستورية متوافق عليها واستمرار الانقسامات السياسية.
خارطة الطريق الأممية والمناصب السيادية
في أغسطس الماضي، أعلنت المبعوثة الأممية هانا تيتيه عن خارطة طريق تمتد بين 12 و18 شهرًا، مشددة على أن تعيين أعضاء إضافيين في المفوضية يعد خطوة أساسية لإنهاء حالة الانقسام، وفي هذا السياق، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قرارًا بتكليف ثلاثة أعضاء للتواصل مع لجنة المجلس الأعلى للدولة لاستكمال الاستحقاقات المطلوبة، بما في ذلك إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية والمناصب السيادية الأخرى، حيث لا تزال المناصب السيادية السبعة تمثل عقدة مستمرة بين مجلسي النواب والدولة، وقد اجتمع الطرفان في يناير 2021 بمدينة بوزنيقة المغربية وتوافقا على توزيع هذه المناصب وفق المعيار الجغرافي بين الأقاليم الثلاثة في ليبيا، وبين التفاؤل الحذر والشكوك المتزايدة، يبقى الشارع الليبي مترقبًا: هل سيقود تغيير مجلس إدارة المفوضية إلى فتح الطريق أمام انتخابات طال انتظارها، أم أنه مجرد حلقة جديدة في مسلسل المناورات السياسية؟
التعليقات