تعتبر الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية خطوة محورية نحو تحقيق التنمية المستدامة في مصر حيث تهدف إلى تحويل المدن إلى بيئات تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وتوفير خدمات رقمية متكاملة للمواطنين، ومن خلال هذه الاستراتيجية يتم تعزيز استخدام إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي لتسهيل إدارة المرافق العامة وتحسين جودة الحياة، كما أن التركيز على البنية التحتية الرقمية المتطورة يسهم في تحقيق أهداف مشروع “مصر الرقمية” ويعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجات سكانها، مما يساهم في خلق بيئة حضرية أكثر كفاءة، ويجعل من المدن الذكية مثالاً يحتذى به في استخدام الابتكار والتكنولوجيا لتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية.

مدن ذكية: رؤية مستقبلية نحو تنمية مستدامة

لم يعد مفهوم المدن الذكية مجرد تكنولوجيا متطورة، بل أصبح خيارًا استراتيجيًا تسعى الدول لتحقيقه من أجل تنمية حضرية أكثر استدامة وكفاءة، حيث تم الإعلان مؤخرًا عن الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية، التي تمثل رؤية شاملة تهدف إلى بناء مجتمع يعتمد على التكنولوجيا والمعرفة، مما يعكس التوجه العالمي نحو التحول الرقمي في مختلف المجالات.

تكنولوجيا متقدمة لخدمات أفضل

إن إنشاء المدن الذكية يعد وسيلة فعالة لتمكين المواطنين من الوصول إلى خدماتهم بطرق رقمية حديثة ومرنة، حيث تتماشى هذه الجهود مع مستهدفات مشروع “مصر الرقمية”، إذ تعتبر المدن الذكية نظامًا متكاملًا يتضمن التكنولوجيا والابتكار، وهدفها الأساسي هو تسهيل حياة المواطنين وتحسين جودة الخدمات المقدمة لهم، كما أن الاستراتيجية التي تم إعدادها بالتعاون بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، مدعومة من البنك الدولي وسفارة سويسرا في مصر، تركز على تطوير بنية تحتية رقمية متقدمة.

البنية التحتية الرقمية: العمود الفقري للمدن الذكية

منذ عام 2019، بدأت الدولة في استبدال شبكات النحاس بشبكات الألياف الضوئية في المدن، وتمتد هذه الشبكات إلى القرى ضمن مبادرة “حياة كريمة”، ما يتيح سرعات فائقة لنقل البيانات، وبالتالي إدارة ذكية للمرافق والخدمات، كما تم إدخال تقنيات حديثة مثل الكوابل الهوائية التي تقلل من تكاليف الحفر، مما ساعد مصر في الحفاظ على صدارتها في ترتيب متوسط سرعة الإنترنت الثابت في إفريقيا منذ عام 2022، ويعتبر الاعتماد على تقنيات إنترنت الأشياء أحد الأعمدة الأساسية للمدن الذكية، حيث يتم استخدام مئات الآلاف من الحساسات لجمع البيانات والتحكم في المرافق الحيوية بكفاءة عالية.

تقدم خدمات الجيل الخامس في مصر إمكانات هائلة للتحكم في عدد ضخم من الحساسات وتبادل البيانات بسرعات غير مسبوقة، كما أن دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الناتجة عن تشغيل المرافق يساهم في تحقيق إدارة أكثر فعالية وكفاءة، وتعتبر مراكز البيانات العقل المركزي الذي يجمع ويعالج ويقوم بإدارة مختلف مكونات المدن الذكية، مما يعزز من قدرة هذه المدن على التكيف مع التطورات المستقبلية.

الشباب والابتكار: المحرك الرئيسي للمدن الذكية

تسعى الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية أيضًا إلى تضمين كل ما يتعلق بالبنية التحتية للاتصالات داخل الكود المصري للبناء، مما يضمن جاهزية المشروعات العمرانية المستقبلية للتكامل مع التطبيقات الذكية، كما أن التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في تطوير الحلول التكنولوجية المبتكرة يمثل ركيزة أساسية لإنجاح هذه المنظومة، ويظل عنصر الشباب ورواد الأعمال أحد المحركات الرئيسية، حيث تشجع الاستراتيجية على احتضان ابتكاراتهم وحلولهم التقنية التي يمكن أن تثري منظومة المدن الذكية، وتساهم في دعم قدرات مصر التكنولوجية على المستويين المحلي والدولي.