تتجه الأنظار نحو بوركينا فاسو وكوت ديفوار حيث تتصاعد حدة التوترات بين البلدين في غرب أفريقيا مما يثير القلق بين السكان المحليين والدول المجاورة على حد سواء فالصراعات السياسية والاقتصادية تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية وتسبب انقساماً في الآراء حتى بين المجتمعات الناطقة بالفرنسية التي تشترك في تاريخ طويل من التعاون والتنافس مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً في ظل التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه المنطقة.

توتر العلاقات بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو

تعيش العلاقات بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو حالة من التوتر، حيث بدأت الأزمة عندما قامت بوركينا فاسو بتوقيف ستة موظفين إيفواريين قبل حوالي شهرين، وقد أعادت واغادوغو التذكير بهذه الواقعة في الأيام الأخيرة، ويعتقد العديد من المراقبين أن هذه التوترات ليست مجرد قضايا إقليمية، بل تعكس صراعات أعمق تتعلق بالنفوذ الفرنسي في المنطقة، حيث تشهد غرب أفريقيا تغييرات كبيرة في العلاقات السياسية والأمنية.

ووفقًا لما ذكره الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، الدكتور رامي زهدي، فإن الاتهامات التي وجهتها واغادوغو لأبيدجان تتعلق بوجود معارضين يسعون لزعزعة استقرار بوركينا فاسو، وقد ارتبط تصعيد التوتر بزيارة الرئيس الإيفواري حسن واتارا إلى باريس، حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذه العلاقات على الوضع الإقليمي، وقد انسحبت فرنسا مؤخرًا من عدة دول أفريقية، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في المنطقة.

رفض الاتهامات والتأكيد على التعاون الإنساني

من جانبها، نفت الحكومة الإيفوارية الاتهامات الموجهة إليها بوجود “أعداء لبوركينا فاسو” على أراضيها، وأكدت أن الموظفين الموقوفين كانوا يقومون بمهام إنسانية، حيث تحتضن كوت ديفوار أكثر من سبعة ملايين أجنبي، بما في ذلك ثلاثة ملايين بوركيني، مما يعكس علاقات تاريخية وثيقة بين البلدين، ومع ذلك، فإن الحدود المشتركة التي تمتد لنحو 600 كيلومتر تعتبر “هشة”، مما يسهل حدوث حوادث توقيف متبادلة في ظل الظروف الحالية.

تحليل الأزمة وتأثيرها الإقليمي

تتجاوز أزمة كوت ديفوار وبوركينا فاسو البعد الثنائي، حيث تعكس تصدعات أعمق في النظام السياسي في غرب أفريقيا، حيث تتصارع رؤيتان: الأولى تتمثل في الدول التي تعتمد على التحالفات الغربية لضمان الاستقرار، والثانية تمثل الأنظمة العسكرية الجديدة التي تسعى لاستقلال القرار وبناء شراكات بديلة، ويشير زهدي إلى أن الخطر الأكبر يكمن في تآكل الثقة بين الجيران وتراجع التنسيق الأمني في منطقة تعاني من عدم الاستقرار، مما يستدعي الحاجة إلى وساطة إقليمية فعالة لإعادة بناء الثقة وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي.

فصل جديد في العلاقات بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو

في نهاية المطاف، تعتبر هذه الأزمة جزءًا من فصل جديد في إعادة تشكيل النفوذ في غرب أفريقيا، حيث تتنافس القوى الجديدة مثل الصين وروسيا على ملء الفراغ الذي خلفته فرنسا، وتبحث الدول الأفريقية عن توازن صعب بين الاستقلال والسيادة من جهة، والحاجة إلى الشركاء من جهة أخرى، مما يجعل من الضروري أن تسعى كوت ديفوار وبوركينا فاسو إلى حوار بناء لتسوية الخلافات وتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، الأمر الذي يعود بالنفع على شعوب المنطقة بأسرها.