في ظل انخفاض أسعار الفائدة بنسبة 6.25% منذ بداية العام، يبرز تأثير هذا التغير على الشركات العقارية التي تعتمد بشكل كبير على الاقتراض لتمويل مشاريعها، حيث يُتوقع أن يُسهم هذا الخفض في تحسين ظروف التمويل ويتيح لها فرصة أكبر لتوسيع أنشطتها، مما يعزز من قدرتها على المنافسة في السوق، ومع تزايد الطلب على الوحدات العقارية، قد تشهد الشركات انتعاشًا في المبيعات، خاصة مع توجه الأفراد نحو شراء الوحدات بالتقسيط، وهذا ما يجعل انخفاض الفائدة عاملًا محفزًا رئيسيًا في تنشيط السوق، بينما يتطلع المطورون إلى مبادرات تمويلية أكثر مرونة من البنك المركزي، مما يعكس أهمية هذا الخفض في دعم القطاع العقاري في مرحلة تحتاج فيها الشركات إلى استعادة نشاطها وتحقيق التوازن في هيكل التمويل.

في إطار سياسة التيسير النقدي التي يتبعها البنك المركزي المصري منذ بداية العام، حيث وصل إجمالي خفض أسعار الفائدة إلى 6.25%، تباينت آراء خبراء سوق المال حول تأثير هذا الخفض على أداء الشركات العقارية المدرجة في البورصة، ومع ذلك، اتفق الجميع على أن هذه الخطوة تمثل فرصة حقيقية للقطاع العقاري، خاصة أن تكلفة التمويل تشكل جزءًا كبيرًا من هيكل تمويل هذه الشركات، مما يجعلها بحاجة إلى هذا النوع من الدعم.

يضم القطاع العقاري في البورصة المصرية حوالي 33 شركة، من أبرزها “مجموعة طلعت مصطفى القابضة، وإعمار مصر للتنمية، وسوديك، وأوراسكوم للتنمية مصر، وبالم هيلز للتعمير”. هذه الشركات تواجه تحديات كبيرة، لكن مع انخفاض أسعار الفائدة، تتزايد الآمال في استعادة النشاط وإتمام المشروعات المستقبلية بسهولة أكبر، الأمر الذي قد يسهم في تحسين أداء القطاع بشكل عام.

المطورون العقاريون وتوقعات التمويل الميسر بعد تراجع الفائدة

يعتبر ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أن خفض أسعار الفائدة بهذا الشكل يمنح الشركات العقارية الفرصة للمطالبة بمبادرات تمويلية ميسرة من البنك المركزي، لاستكمال مشروعاتها بأسعار فائدة تتراوح بين 10% و15% كحد أقصى، وهذا يعد تحسنًا ملحوظًا بالمقارنة مع الأسعار التي كانت سائدة في بداية العام. كما أشار إلى أن الشركات العقارية كانت تلجأ لتمديد فترات التقسيط إلى 12 و15 عامًا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ورغم ذلك، كانت تكلفة الفائدة على الأقساط مرتفعة.

من جانب آخر، يؤكد عمارة أن تأثير خفض الفائدة سيكون إيجابيًا على أداء الشركات، حيث ستقل تكلفة التمويل، مما يتيح لها ضخ سيولة جديدة في السوق. ومع ذلك، يبقى السؤال قائمًا حول تأثير العقود الحالية على الشركات، إذ لا يمكن تعديل الفائدة المرتفعة على القروض القائمة، مما يجعل الشركات تركز على التحكم في أسعار الفائدة للأقساط الجديدة فقط. كما سلط الضوء على أن زيادة الإيرادات قد تأتي من الفارق بين أسعار الفائدة الحالية وتلك التي كانت سارية عند بداية العام، مما يمنح الشركات الفرصة لتحمل أعباء أخرى بسهولة أكبر.

تحديات السوق العقاري وآراء متباينة

بينما يعتقد البعض أن خفض الفائدة سيكون له تأثير إيجابي، يختلف سعيد الفقي، العضو المنتدب لشركة أصول القابضة، في رأيه، حيث يشير إلى أن الشركات العقارية قد قامت بتمويل مشروعاتها بتكلفة مرتفعة مسبقًا، مما قد يحد من تأثير هذا الخفض. ويؤكد أن السوق يشهد حاليًا معروضًا كبيرًا من الوحدات العقارية، إلا أن التحدي الحقيقي يتمثل في تباطؤ الشراء.

وفي سياق متصل، أوضح الفقي أن الشركات بدأت بالفعل في تخفيض الفائدة على الوحدات المباعة للمستهلكين بما يتماشى مع خفض المركزي، مشيرًا إلى أن أغلب التعاملات العقارية تتم بين ثلاثة أطراف: الشركة المطورة، البنك الممول، والعميل، مما يجعل الاستفادة متساوية بين جميع الأطراف. ويشير إلى أن الطلب الفعلي على الوحدات هو العامل الحاسم في تنشيط المبيعات، وليس فقط خفض أسعار الفائدة، مما يعكس مرحلة تشبع السوق بعد سنوات من الاستثمار المكثف.

لذا، يبقى السؤال حول كيفية تأثير هذه التغيرات على مستقبل القطاع العقاري في مصر، وكيف ستتعامل الشركات مع التحديات الجديدة في ظل التغيرات الاقتصادية المستمرة.