تواجه الولايات المتحدة أزمة حادة في لحوم البقر، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً قياسياً لم يسبق له مثيل، مما دفع المستهلكين إلى البحث عن بدائل أكثر اقتصادية، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يعتمد السوق بشكل متزايد على الواردات لتلبية الطلب المتزايد، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على جودة اللحوم وأسعارها المستقبلية، كما أن هذه الأزمة تعكس تحديات أكبر تواجه قطاع الزراعة في البلاد، مما يستدعي التفكير في حلول مستدامة لضمان استقرار السوق ورفاهية المستهلكين.

أزمة إنتاج لحوم الأبقار في الولايات المتحدة

تشهد الولايات المتحدة أزمة غير مسبوقة في إنتاج لحوم الأبقار، حيث ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ وتراجع عدد الماشية بشكل حاد، مما دفع البلاد إلى الاعتماد بشكل أكبر على الواردات لتلبية الطلب المتزايد على البروتين، ومع بلوغ استهلاك الأمريكيين من اللحوم مستويات قياسية، أصبحت الأسواق المحلية عاجزة عن تلبية هذا الطلب المتزايد، ما يغير ملامح سوق اللحوم في الدولة التي تعتبر الأكبر استهلاكًا للحوم البقرية في العالم.

زيادة الطلب على اللحوم وتأثير الأسعار

وفقًا لويسلي باتيستا، أحد مؤسسي شركة “جي بي إس” (JBS) البرازيلية، فإن الولايات المتحدة تمر بمرحلة حرجة في إنتاج لحوم الأبقار، وأكد أن البلاد بحاجة إلى استيراد المزيد من اللحوم لتعويض العجز المحلي، الأسعار الحالية هي الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة، نتيجة الفجوة المتزايدة بين الإنتاج والاستهلاك، كما تُظهر بيانات الأسعار حجم الأزمة، حيث ارتفع متوسط سعر الرطل من اللحم المفروم إلى 6.32 دولار، بزيادة تصل إلى 13% خلال عام واحد فقط، كما ارتفعت واردات اللحوم بنسبة 30% في النصف الأول من العام، رغم الرسوم الجمركية المرتفعة، مما يعكس اتساع الفجوة بين الطلب والعرض.

أسباب الأزمة وتوجهات السوق المستقبلية

ترجع الأزمة إلى تراجع أعداد الماشية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ خمسينيات القرن الماضي، بسبب موجات الجفاف التي أثرت على المراعي في ولايات الإنتاج الرئيسية، مما أجبر العديد من المربين على بيع العجول بدلاً من الاحتفاظ بها للتكاثر، وفي المقابل، يستمر الطلب الأمريكي على اللحوم في الازدياد، مدفوعًا باتجاهات غذائية جديدة تشجع على استهلاك البروتين، خاصة بين مستخدمي أدوية إنقاص الوزن من فئة GLP-1 مثل “أوزيمبيك” و”مونجارو”، الذين يُنصحون بتناول كميات كافية من البروتين للحفاظ على الكتلة العضلية، ومع ذلك، تظل شركة “جي بي إس” لاعبًا رئيسيًا في السوق الأمريكية، حيث تمتلك تسعة مصانع للحوم في البلاد، وتمثل السوق الأمريكية نحو نصف إيراداتها العالمية، ومع استمرار التحديات، يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو مرحلة جديدة في تعاملها مع سوق اللحوم، حيث يفرض النقص في الإنتاج المحلي وتغير أنماط الاستهلاك واقعًا اقتصاديًا مختلفًا قد يعزز اعتماد البلاد المتزايد على الواردات لتأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية.