في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، تجاوز سعر الذهب حاجز 4 آلاف دولار مما يعكس تزايد القلق وفقدان الثقة في النظام المالي التقليدي حيث يسعى المستثمرون إلى حماية ثرواتهم من تقلبات الأسواق المالية والركود المحتمل، ومع تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن، يتساءل الكثيرون عن مستقبل الأصول المالية الأخرى وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي وكيف سيتعامل الناس مع هذا الوضع المتغير والمليء بالتحديات.
الذهب كملاذ آمن في أوقات الاضطراب الاقتصادي
يشهد العالم حاليًا اضطرابًا اقتصاديًا وسياسيًا غير مسبوق، مما دفع أسعار الذهب لتصل إلى مستويات قياسية، حيث أصبح المعدن النفيس هو الملاذ الآمن الأبرز في زمن الشكوك العالمية، ومع ارتفاع سعر الذهب وكسره حاجز 4 آلاف دولار للأوقية، يبرز تساؤل حول مدى استدامة هذا الارتفاع، ووفقًا للخبير الاقتصادي الفرنسي أرنو دو بليزي، فإن هذا الارتفاع قد يكون علامة على تدهور الثقة في النظام المالي العالمي، بجانب كونه يعكس ثقة المستثمرين في الذهب كخيار آمن وسط هذه الظروف.
يقول بليزي إن ما نشهده اليوم هو نتيجة لعوامل متعددة، منها انعدام اليقين السياسي والاقتصادي، وانخفاض عوائد الأصول التقليدية، مما يدفع المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة، حيث يُعتبر الذهب أصلًا لا يحمل التزامات أو ديون، مما يجعله حصنًا ضد التضخم والتقلبات السياسية والمالية، كما أن ضعف الدولار وتراجع العوائد الاسمية للسندات وأسعار الفائدة البنكية تعزز من جاذبية الذهب كخيار لتخزين القيمة.
أسعار الذهب تسجل أرقامًا قياسية
في مشهد غير مسبوق، تجاوز سعر الذهب صباح الأربعاء حاجز 4 آلاف دولار للأوقية، وهو ما يعكس حالة القلق التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، ففي ظل الشلل الحكومي في الولايات المتحدة والأزمة السياسية في فرنسا، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، لجأ المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن، وقد سجل الذهب في السوق الفورية 4001.11 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى في تاريخه، وقد شهدت بورصة كومكس في نيويورك ارتفاعًا ملحوظًا في عقود الذهب، مما يعكس رغبة المستثمرين في حماية رؤوس أموالهم وسط هذه الظروف المضطربة.
منذ بداية عام 2025، ارتفع الذهب بنسبة تقارب 51%، وهي قفزة مذهلة خلال أقل من عشرة أشهر، بينما بلغت الزيادة خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 135%، وقد تجاوز المعدن الأصفر محطات كانت تعتبر خيالية، حيث سجل 3000 دولار للأوقية في مارس، و3500 دولار في سبتمبر، وصولًا إلى 4000 دولار في أكتوبر، مما يعكس قلقًا عالميًا وفقدان ثقة بالأسواق والمؤسسات المالية.
الاقتصاد العالمي في حالة اضطراب
تشير التحليلات إلى أن ارتفاع أسعار الذهب يعود إلى مزيج من العوامل، مثل الشلل الحكومي الأمريكي والأزمة السياسية في فرنسا، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في أوكرانيا والشرق الأوسط، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن لحماية أموالهم من المخاطر، ومع تراجع أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية، إذ تقل تكلفة الاحتفاظ به، كما أن ضعف الدولار الأمريكي يعزز من ارتفاع سعر الذهب عالميًا.
علاوة على ذلك، زادت البنوك المركزية في دول مثل روسيا والصين وتركيا من مشترياتها من الذهب، في محاولة لتقليل اعتمادها على الدولار، مما أضاف دعمًا كبيرًا للطلب العالمي، ويعتبر المحللون أن الارتفاع القياسي في أسعار الذهب لا يتعلق فقط بعوامل التضخم، بل يعكس أزمة ثقة عالمية شاملة في النظامين المالي والسياسي الدوليين، حيث ينظر المستثمرون إلى الذهب كرمز للاستقرار وسط الفوضى الاقتصادية والسياسية.
التعليقات