دخلت الولايات المتحدة الأسبوع الثاني من الإغلاق الحكومي الأمريكي مما أثار تساؤلات عديدة حول متى ينتهي هذا الصراع السياسي الذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد المحلي والعالمي حيث يعاني العديد من الموظفين من توقف الرواتب ويواجه المستثمرون حالة من عدم اليقين بسبب تعطل البيانات الرسمية التي يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم كما أن استمرار هذا الإغلاق لفترة أطول قد يؤدي إلى تكبد الاقتصاد الأمريكي خسائر فادحة تزيد من الضغوط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق سريع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لذلك يبقى السؤال الأهم مطروحًا متى سينتهي هذا الصراع وما هي الخطوات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية لتجاوز هذه الأزمة التي تهدد استقرار البلاد والاقتصاد العالمي في آن واحد.

تداعيات الإغلاق الحكومي الأمريكي على الاقتصاد

يُشير خبراء اقتصاديون إلى أن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي لأكثر من أسبوعين سيؤدي إلى ضغوط حقيقية على الاقتصاد الأمريكي، حيث يتعطل تدفق البيانات الرسمية التي يعتمد عليها المستثمرون وصانعو السياسات لتقييم الأداء الاقتصادي، ومع دخول الولايات المتحدة أسبوعها الثاني من الإغلاق، تبرز هذه الأزمة كواحدة من أكبر التحديات التي تواجه إدارة الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد فشل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الوصول إلى اتفاق بشأن تمويل الحكومة للسنة المالية الجديدة.

هذا الإغلاق نتج عنه شلل جزئي في المؤسسات الفيدرالية، مما تسبب في تعطيل مئات الآلاف من الموظفين عن العمل، وتحذيرات من اقتصاديين تشير إلى أن استمرار الأزمة سيكلف الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارات، بالإضافة إلى تأخير صدور بيانات اقتصادية رئيسية مثل تقرير الوظائف الشهري الذي كان مقررًا صدوره الأسبوع الماضي، وهذا التوقف قد يخلق حالة من عدم اليقين في السوق.

التاريخ يعيد نفسه: أزمات سابقة

يقول الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني السابق، إن الولايات المتحدة شهدت أكثر من عشرين حالة إغلاق حكومي منذ أواخر السبعينيات، ومعظمها كان قصير الأمد، ومع ذلك، هناك خمس حالات رئيسية شكلت نقاط تحول في العلاقة بين الكونجرس والإدارة الأمريكية، وأطولها كان خلال ولاية ترامب الأولى عامي 2018-2019، حيث استمر 35 يومًا بسبب الخلاف حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، ويضيف فؤاد أن الإغلاقات الطويلة عادة لا تدوم أكثر من 3 إلى 5 أسابيع، حيث تتزايد تكلفتها السياسية والاقتصادية بسرعة بعد الأسبوع الثاني، مما يضغط على الأسواق ومؤسسات التصنيف الائتماني والرأي العام للتوصل إلى تسوية عاجلة.

استمرار الإغلاق وتأثيره على الأسواق العالمية

في سياق متصل، يُشير الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إلى أن الإغلاق الحكومي الحالي قد يستمر لفترة أطول، حيث يستفيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذه الأزمة كأداة ضغط سياسي على الحزب الديمقراطي، وتسعى الإدارة الأمريكية أيضًا إلى تجميد نشر المؤشرات الاقتصادية الرسمية خلال فترة الإغلاق، مما يؤدي إلى حالة من الغموض بشأن أداء الاقتصاد الحقيقي، وهذه الأوضاع تؤثر على الأسواق العالمية، بما في ذلك الذهب والدولار والأسواق المالية.

ويضيف النحاس أن واشنطن تحاول إدارة المشهد الاقتصادي بطريقتها الخاصة، من خلال إبعاد الأنظار عن المؤشرات الرقمية وإعادة تقييم سياساتها المالية والجمركية، وهذا يعكس الصراع الدائر بين الاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج، والاقتصاد غير الحقيقي القائم على البيانات والمؤشرات، مما يُظهر أهمية فهم تأثير هذه السياسات على الأسواق العالمية.

تأثير الأزمة الأمريكية على مصر

بالنسبة لمصر، يرى النحاس أن الأزمة الأمريكية الحالية تحمل طابعًا سياسيًا أكثر من كونها اقتصادية، حيث سيكون تأثيرها المباشر على الاقتصاد المصري محدودًا، إذ لا ترتبط مصر بعلاقات مالية أو تجارية مباشرة مع الموازنة الفيدرالية الأمريكية، ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الذهب عالميًا قد يعزز احتياطي مصر من النقد الأجنبي، حيث يشكل الذهب نحو 28% من الاحتياطي، مما قد يضيف حوالي 400 مليون دولار لقيمته الإجمالية، وهذا يعكس تأثيرات غير مباشرة قد تكون إيجابية في ظل هذه الظروف.