ترامب هدد باستخدامه قانون «التمرد» في سياق الأزمات السياسية التي شهدتها الولايات المتحدة، حيث يتيح هذا القانون للرئيس اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة التهديدات الداخلية، ويعود أصله إلى القرن التاسع عشر، ويعتبر أداة قانونية مثيرة للجدل، إذ يمكن أن تؤثر على الحريات المدنية وتثير ردود فعل متباينة من المجتمع، فالكثيرون يتساءلون عن مدى شرعية استخدام هذا القانون في ظل الظروف الراهنة، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الديمقراطية الأمريكية وكيف يمكن أن يتغير المشهد السياسي في المستقبل القريب.

قانون التمرد وأثره على الجيش الأمريكي

عادةً ما يُعتبر الجيش الأمريكي بعيدًا عن التدخل في الشؤون الداخلية، ومع ذلك، فقد أظهر الرئيس ترامب استعداده لاستخدام قانون يمنحه سلطات إضافية، حيث هدد مرارًا باستخدام قانون التمرد، والذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة لنشر الجيش في البلاد، وقد قال ترامب للصحفيين مؤخرًا: “حسنا، لقد استُخدم من قبل”، مؤكدًا على أهمية حماية المدن الأمريكية من أي تهديدات، وهذا يأتي في سياق الإجراءات الأمنية التي تتخذها إدارته في المدن التي يقودها خصومه الديمقراطيون.

في وقت سابق من الأسبوع، هدد ترامب بتفعيل قانون مكافحة التمرد لنشر قوات فيدرالية لقمع أي تمرد عنيف، حيث أشار إلى إرسال 300 عنصر من الحرس الوطني إلى شيكاغو لحماية العناصر والأعيان الفيدرالية، لكن قاضية فيدرالية أمرت بتعليق تنفيذ هذا القرار، حيث اعتبرت أن الوضع في شيكاغو لا يرقى إلى مستوى التمرد، وهو ما يتعارض مع ما حاولت الإدارة تبريره، كما تم تعليق نشر القوات في بورتلاند أيضًا، حيث أكدت القاضية أنه لم يكن هناك أي تهديد للأمن القومي.

فهم قانون التمرد

قانون التمرد يمنح الرئيس القدرة على نشر الجيش أو تشكيل قوات الحرس الوطني الفيدرالية في الولايات المتحدة لمواجهة الانتفاضات الداخلية، ويستند هذا القانون إلى وجود “عوائق أو تجمعات غير قانونية أو تمرد” ضد سلطة الحكومة، ويمنح الرئيس الحق في استخدام القوات المسلحة لإنفاذ القوانين، وقد تم توقيع هذا القانون لأول مرة من قبل الرئيس توماس جيفرسون عام 1807، ومن المعروف أن هناك تقليدًا أمريكيًا قويًا يتمثل في إبعاد الجيش عن الشؤون الداخلية، وعادةً ما تتطلب هذه الخطوة موافقة الكونغرس.

تاريخ استخدام قانون التمرد

تم استخدام قانون التمرد في عدة مناسبات على مر التاريخ الأمريكي، لكن استخدامه أصبح نادرًا للغاية منذ حركة الحقوق المدنية في الستينيات، حيث كانت آخر مرة تم فيها استخدام هذا القانون في عام 1992، عندما أدت تبرئة أربعة ضباط شرطة في لوس أنجلوس من تهمة ضرب “رودني كينغ” إلى أعمال شغب عرقية مميتة، وقد لجأ الرئيس جورج بوش الأب إلى هذا القانون بناءً على طلب من رئيس بلدية المدينة، وفي الحالات السابقة، كان هناك توافق بين الرؤساء والحكام حول الحاجة إلى القوات، لكن هناك سيناريوهات لا تتطلب هذه الموافقة.

الجدل حول قانون التمرد

يثير قانون التمرد جدلاً كبيرًا بين الباحثين، حيث يخشى الكثيرون من أن منح الرئيس سيطرة غير محدودة على القوات قد يؤدي إلى تآكل الحريات المدنية والعملية الديمقراطية، وبموجب الدستور الأمريكي، يتمتع حكام الولايات عمومًا بسلطة الحفاظ على النظام داخل حدودهم، وتُحذر جماعات الحقوق المدنية من أن استخدام هذا القانون قد يمنح الرئيس سلطات واسعة لاستخدام الجيش كقوة شرطة محلية، وهو أمر لم يكن في الحسبان عند صياغة القوانين الأساسية للبلاد.