تشهد العملات الرقمية في الآونة الأخيرة حالة من التراجع الملحوظ حيث انخفضت عملة البيتكوين بنسبة 8.4% في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مما أثر سلبًا على الأسواق العالمية ورغم ذلك يرى الخبراء أن هذا التراجع لا يعني انهيار السوق بل هو تصحيح قوي نتيجة لعوامل جيوسياسية كبيرة ويشير المحللون إلى أن العملات الرقمية أصبحت حساسة للتغيرات الاقتصادية والسياسية كما أن توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار يعد سلوكًا طبيعيًا في أوقات الأزمات ومع ذلك يبقى سوق العملات المشفرة جذابًا على المدى الطويل خاصة مع توقعات بزيادة التبني المؤسسي في السنوات القادمة مما قد يعيد الاستقرار لهذه الأصول الرقمية في المستقبل القريب.
تراجع أسواق العملات المشفرة في ظل تصاعد التوترات التجارية
شهدت أسواق العملات المشفرة في الآونة الأخيرة موجة هبوط حادة، حيث تزامن هذا التراجع مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 100%، بالإضافة إلى فرض قيود على تصدير البرمجيات الحيوية، وذلك كرد فعل مباشر على الإجراءات الصينية الأخيرة لتقييد صادرات المعادن النادرة الضرورية لصناعات التكنولوجيا والإلكترونيات، هذا التصعيد كان له أثر واضح على الأسواق العالمية، حيث تراجع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 2%.
تأثير السوق على العملات الرقمية
فيما واصلت عملة البيتكوين، التي تُعتبر أكبر العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية، خسائرها لتتراجع بنسبة 8.4% وتسجل نحو 104,782 دولارًا، بينما انخفضت عملة الإيثيريوم بنسبة 5.8% لتصل إلى 3,637 دولارًا، ويرى محلل الأسواق أسامة زرعي أن ما يحدث لا يعد انهيارا بقدر ما هو “تصحيح قوي في سوق شديد الحساسية للأحداث الجيوسياسية”، وأضاف أن العملات الرقمية أصبحت تتأثر بشكل مباشر بالعوامل الاقتصادية والسياسية الكبرى، ولم تعد بمنأى عن التقلبات التي تصيب الأصول الأخرى مثل الأسهم والذهب.
اتجاهات السوق وآفاق المستقبل
وأوضح زرعي أن اتجاه المستثمرين مؤخرًا نحو الأصول الآمنة مثل الدولار والذهب هو سلوك طبيعي في أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن سوق العملات المشفرة ما زال يحتفظ بجاذبيته على المدى المتوسط والطويل، خاصة مع اقتراب موجة جديدة من التبني المؤسسي المتوقع في 2026، وأكد أن السيناريو الأقرب هو استمرار التذبذب الحاد خلال الأسابيع المقبلة، مع احتمالية عودة البيتكوين إلى نطاق التعافي إذا استقرت الأسواق العالمية وتراجعت حدة التوتر بين واشنطن وبكين.
دعوة لتطوير إطار تنظيمي للعملات المستقرة في كندا
في سياق متصل، ذكر بنك كندا أن البلاد بحاجة عاجلة إلى الإسراع في تطبيق إطار تنظيمي للعملات المستقرة، داعيًا السلطات الفيدرالية والمحلية إلى التعاون بسرعة لوضع أطر تنظيمية حديثة لأنظمة الدفع، حيث قال رون مورو، المدير التنفيذي لعمليات الدفع والإشراف والرقابة في البنك، إن كندا يجب أن تقيم بجدية فكرة سنّ لوائح فدرالية خاصة بالعملات المستقرة، كما فعلت بعض الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن استخدام الأصول الرقمية في تزايد مستمر، تقوده بشكل أساسي العملات المستقرة المرتبطة بقيمة عملات تقليدية مثل الدولار الأمريكي.
التحولات في نظام الدفع الكندي
أضاف مورو أن أهمية هذه العملات تنمو أيضًا بسبب ارتفاع تكاليف التحويلات المالية الدولية في بعض الدول، ما يجعل الحاجة ملحة إلى خدمات دفع عابرة للحدود أسرع وأرخص وأكثر شفافية وأمانًا، وأوضح أن تنظيم الأصول الرقمية في كندا موزع حاليًا بين المقاطعات والحكومة الفيدرالية، مؤكدًا أن البنية التحتية لأنظمة الدفع تدعم النظام المالي بأكمله وتسهل المعاملات في الأسواق المالية، وبالتالي يجب على المنظمين في جميع المستويات التحرك بسرعة وبشكل منسق لتطوير الأطر التنظيمية.
التحديات والفرص في السوق الكندية
يشير منتقدون، بينهم شركات، إلى أن كندا متأخرة مقارنة بدول متقدمة مثل بريطانيا وأستراليا، بل وحتى بعض الدول النامية، حيث ما زالت أنظمة الدفع الكندية تحت هيمنة البنوك الخمسة الكبرى، ما يؤدي إلى رسوم مرتفعة وتأخيرات ويضعف المنافسة، وختم مورو قائلاً إننا متأخرون في تبني التكنولوجيا الجديدة وتشجيع دخول منافسين جدد وتوفير خيارات دفع أسرع وأرخص للكنديين، لكنه أضاف أن الفترة الأخيرة شهدت زخماً من القطاعين العام والخاص لدفع التغيير، حيث تهيمن العملات المستقرة المربوطة بالدولار الأمريكي على السوق، مما يشير إلى انتعاش كبير في هذا القطاع.
التعليقات