في الربع الثالث من عام 2025، من المتوقع أن يشهد السوق المالي إصدارًا قياسيًا للصكوك بقيمة تصل إلى 80 مليار دولار، مما يعكس النمو المتزايد في الطلب على هذه الأدوات المالية الإسلامية، ويعتبر هذا الإصدار خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستثمارات وتوفير التمويل اللازم لمشاريع التنمية المستدامة، كما أن تزايد الاهتمام بالصكوك يعكس أهمية الابتكار في السوق المالية العالمية، مما سيساهم في جذب المزيد من المستثمرين ويعزز من استقرار الاقتصاديات الناشئة، ويعكس هذا الاتجاه أيضًا التزام الحكومات والشركات بالاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، مما يجعل الصكوك خيارًا جذابًا للعديد من المستثمرين الذين يسعون لتحقيق عوائد مالية مع الحفاظ على قيمهم الأخلاقية والاجتماعية.
إصدارات الصكوك العالمية تسجل رقمًا قياسيًا في 2025
شهدت إصدارات الصكوك العالمية قفزة غير مسبوقة خلال الربع الثالث من عام 2025، حيث تخطت التحديات التي فرضتها تقلبات الأسواق والانكماش الموسمي المعتاد، وفقًا لتقرير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فقد بلغت إصدارات الأسواق الرئيسية مثل الخليج، ماليزيا، إندونيسيا، تركيا، وباكستان نحو 80 مليار دولار خلال هذا الربع، مما يعكس زيادة بنسبة 22% على أساس ربع سنوي و89% على أساس سنوي.
ما الذي يقود نمو إصدارات الصكوك عالميًا؟
تتراجع تكاليف التمويل بشكل ملحوظ وتتوفر السيولة في دول الخليج، مما يعوض تأثير تشدد معايير الامتثال للشريعة والتوترات الإقليمية، وقد ساهم خفض الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة في سبتمبر إلى 4.25% في تعزيز الإصدارات، بينما شهدت إصدارات السندات التقليدية في نفس الأسواق انخفاضًا بنسبة 17.6% على أساس ربع سنوي، مما يعكس تحولًا كبيرًا نحو الصكوك كأداة تمويل جذابة.
الصكوك تستحوذ على حصة أكبر من أدوات الدين
أصبحت الصكوك تمثل 35% من إجمالي إصدارات الدين في الأسواق الرئيسية، مقارنة بـ27.5% في العام الماضي، كما ارتفع إجمالي الصكوك القائمة بنسبة 15.5% ليصل إلى تريليون دولار بنهاية الربع الثالث، منها 28% مقومة بالدولار الأمريكي، بينما شكلت الصكوك المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة 13% من الإصدارات بالدولار، مما يعكس زيادة الاهتمام بالاستدامة.
من يتصدر المشهد الإقليمي في إصدارات الصكوك؟
تتصدر ماليزيا قائمة الدول من حيث إجمالي الصكوك القائمة بنسبة 34%، تليها السعودية بنسبة 30%، وخارج دول الخليج، استحوذت إندونيسيا وماليزيا وتركيا على 64% من إجمالي الإصدارات العالمية خلال الربع الثالث، بينما تمثل الصكوك حاليًا 40% من إجمالي أدوات الدين في الخليج، مقارنة بـ16% في الأسواق الناشئة الأخرى.
التوقعات المستقبلية لإصدارات الصكوك.. نمو مستمر حتى 2026
تتجه توقعات إصدار الصكوك نحو تجاوز مستويات عام 2024، مع نظرة إيجابية لعام 2026، مدعومة باحتياجات إعادة التمويل وأهداف التنويع والإصلاحات الجارية في التمويل الإسلامي، وتفترض “فيتش” أن يبلغ سعر النفط 70 دولارًا للبرميل في 2025 و65 دولارًا في 2026، لكن التحذيرات من صدمات الأسعار أو المتطلبات الشرعية الجديدة تظل قائمة.
إصلاحات هيكلية على أدوات الصكوك في الطريق
تهدف الإصلاحات المقترحة على أدوات الصكوك إلى جعلها أقل تشابهًا بالسندات التقليدية، وأكثر ارتباطًا بالهياكل المدعومة بالأصول، بحيث يحصل حاملو الصكوك على ملكية كاملة للأصول الأساسية، وهذا قد يؤدي إلى مخاطر إضافية مثل التعثرات، ومن المتوقع أن تزيد هذه التغييرات من التكلفة والإجراءات القانونية على المصدرين بسبب متطلبات نقل الأصول.
الجدارة الائتمانية تبقى قوية
تظل السوق متماسكة، حيث لم تُسجل أي حالات تعثر أو خفض تصنيف بين الصكوك التي تقيمها فيتش خلال الربع الثالث، ويحمل 80% من الإصدارات تصنيف استثماري، بينما تحافظ 88% من الجهات المصدرة على نظرة مستقبلية مستقرة، مما يعكس صحة قوية في السوق.
تحولات هيكلية في الأسواق
وسّع مصرف قطر المركزي إطار التعامل مع المتعاملين الرئيسيين ليشمل صكوك الإجارة، مما قد يسهم في زيادة الطلب على الإصدارات المقومة بالريال السعودي، كما أصدرت الهيئة العليا الشرعية في دولة الإمارات توجيهات جديدة بشأن حقوق بيع الأصول، ما دفع بعض المصدرين إلى مراجعة وثائقهم، وأشارت فيتش إلى أن هذا التغيير قد يؤثر على أسلوب تصنيف الصكوك في المستقبل.
التعليقات